هل أنت أنت؟ .. أم تم امتصاصك؟
- psychotopia
- Oct 6, 2018
- 2 min read
بقلم : مى محسن
يقولون : "كن كما أنت، اذهب حيث يرتاح قلبك، اذهب حيث ترغب أنت، كن جزءاً من شيء يعجبك أنت وإن كنت فيه لوحدك، عش كما تريد، واصنع تفاصيلك بنفسك، أنت الذي ستعيش".
حسنًا! ما الذي بإمكانه أن يمنع الإنسان من أن يكون نفسه؟ من أن يعبرعن ذاته ويتسق معها؟! لنرجع إلى الوراء قليلًا -عندما كنا صغارًا-. كم مرة ارتديتِ ثياب والدتك متظاهرة أنكِ هي؟
كم مرة استخدمت شفرة حلاقة والدك متظاهرًا أنك هو؟
هل خرجت يومًا من السينما وذهبت إلى المنزل وحاولت تقليد البطل؟
حسنًا هذا أمر جيد نسميه التقليد، لكن حديثنا اليوم عن شيء مختلف تمامًا عنه نسميه (التقمص).
التقمص في أصله حيلة من حيل الدفاع النفسي ، وهو عملية لا واعية يتحد فيها الفرد مع سلوك ودوافع وأفكار شخص آخر، يصدر دون وعي وقصد من الشخص، بعكس التقليد الذي تفعله وأنت تعي تمامًا أنك فاعله.
أحيانًا تتقمص شخصيات تحبها، حيث ترى فيها القدوة والمثل العليا، هذا الأمر مفيد -أحيانًا-،فأن تتقمص دور من تراه يحيا بالطريقة التي تود أن تحيا بها هو شيء بإمكانه أن يساعدك على النمو والنضج النفسي وربما التعلم، وربما فقط يشعرك بالقرب ممن تحب، لكن بشكل مؤقت.
كأنه بإمكانك أن تجلس بمقعده حينًا ثم تذهب لتجد مقعدك الخاص..
فأن تجد من ينتهج ما تتوافق معه أمر جيد، لكن بإمكانك أن تتأذى إن حاولت أن تصبح نسخةً منه! نسخة صلبة، مسخ، محروم من الاختلاف والتفرد، فارغ الشخصية ومشوه الملامح، ولا يوجد أذى أشد من ألا تصبح أنت.
هناك نوع آخر من أنواع التقمص وهو ما يُعرف ب (تقمص المعتدي).
ربما الأمر غير مثير للدهشة حين نتحدث عن تقمص شخصية نحبها.. لكنه غريب بالتأكيد حين نتحدث عن تقمص شخصية نكرهها.. شخصية تؤذينا ! غريب، لكنه شائع الحدوث..فتقمص المعتدي هو أن تتوحد بشكل لا شعوري مع من يؤذيك بدافع الخوف منه واتقاءً لأذاه، كالذي يتقمص الموانع التي تفرضها سلطة ما عليه، ليتمكن فقط من تجنب العقوبة بأن يغدو راضخًا لمطالب الجاني، وربما ينتهج المتقمص هذا النهج فقط ليتجنب شعوره بالألم كونه ضحية، ورغبة منه في التخلص من إحساسه بالضعف والعجز.
هناك الكثير من الأمثلة التي تظهر عقلية المتقمص للمعتدي:
كالأب الذي يضرب ابنه.. فيكبر الابن ليكرر نفس الفعلة مع أبنائه، غير آبه لفكرة أن ما يشعرون به الآن هو ذاته الشعور الذي لاصقه في الصغر وأراد التخلص منه.
الفتاه التي تعرضت للتحرش ومازالت تتعرض كل يوم لنفس التجربة، ثم تأتي غيرها لتخبرها أنها تعرضت للأمر ذاته فتلقي اللوم عليها وتبرر فعل المتحرش، رغم أنها واقعة تحت تأثير نفس الأذى.. لكنها تبرره.
المعلم الذي لا يمثل سوى قدوة سيئة للطلاب، ويتقصد رسوبهم بالاختبارات، ليكبر الطلاب ويصبح أحدهم معلمًا، وينتهج نفس السلوك مع الطلاب.
كل هذه الأمثلة يوجد غيرها الكثير! ربما لا يجب عليك سوى أن تبدأ بنفسك، تبدأ في إدراكها جيدًا، تبدأ في معرفتها.. والنظر إليها في المرآة لتعلم هل أنت هو أنت بالفعل أم هل تم امتصاصك!
احسنتم 👏👏👏💟