top of page

لماذا لا أنام؟

  • Writer: psychotopia
    psychotopia
  • Oct 25, 2018
  • 3 min read

Updated: Oct 26, 2018

بقلم : غيداء الصاوي


منذ أكثر من ساعتين رن هاتفي بينما كنت أشاهد فيلمًا على حاسوبي المحمول في غرفتي في سكن الجامعة، كان الاتصال من صديقتي المقربة، كانت تبكي وتتنهد بينما تكرر بفزعٍ شديد "لماذا لا أنام؟" .. "أنا لا أستطيع النوم منذ ثلاثة أيام" .. "هذه ليست المرة الأولى"، حاولت التهدئة من روعها قليلًا، وبعد أن توقفت عن البكاء بدأت في الكلام، كان جُّل ما تشكو منه هو عدم قدرتها على النوم ليلًا لعدة أيام، وأنها قامت بتجربة كل الوسائل الممكنة لتتمكن من النوم ولو لساعتين متتاليتين، بدءًا من شرب الحليب الدافئ أو اليانسون قبل النوم، مرورًا بالوضوء وقراءة الأذكار، وحتى التفكير في الإقدام على تناول الأدوية المنومة، ولكنني قمت بنهيها عن ذلك طالما أنها لم تقم باستشارة طبيبٍ قبلها، ونصحتها بمحاولة النوم في غرفة مظلمة، ويمكننا أن نتقابل في الغد ونناقش الأمر، ثم قمنا بإغلاق الهاتف، لكن الأمر مازال يدور كالرحى في رأسي، لماذا لا تنام؟

عدت إلى حاسوبي وأغلقت نافذة الفيلم، ثم فتحت نافذة Google وقمت ببعض الأبحاث، لدي خلفية مسبقة عن الأرق (Insomnia)، أعتقد أنه صديق سوء حميم من الدرجة الأولى في أيام الامتحانات، والأيام التي تزيد فيها معدلات القلق والتوتر، حتى يصبح التفكير العقلي أكثر من كونه فعلًا بشريًّا مجردًا، إنه يصبح آلة قتل وتدمير للخلايا الدماغية حسبما أشعر، حتى أني أتمنى لو أستطيع ضغط زر "إيقاف التشغيل" في مؤخرة دماغي، لكن مع الأسف الشديد أننا لم نُخلق بواحد.


لفت انتباهي أيضًا مصطلح (Sleep Disorders) أو (اضطرابات النوم)، فقمت بفتح نافذة بحثٍ جديدة وكتبت فيها "ما هي اضطرابات النوم؟"، ظهرت لي العديد من النتائج، فقمت بالضغط على النتيجة الأولى كالعادة، وقمت بمتابعة القراءة، فوجدت أنها مجموعة من الحالات التي تؤثر على قدرة الشخص على النوم بشكل صحي، كافٍ وجيد، سواءً كان السبب الرئيسي لها هو مشكلة صحية، أو نتيجة التعرض لضغوط نفسية وعصبية، وهو يصيب الأشخاص في عمر يتراوح بين 20 – 59 عامًا، ولكن يبدو أنه تبعًا لنوع الاضطراب يعاني البعض من صعوبة في عملية النوم، مع شعورٍ عام بالإجهاد على مدار اليوم، والذي يؤثر بالسلب على الحالة المزاجية، والتركيز، والصحة العامة، وبالتالي إنتاج الفرد على المدى البعيد.


أردت مقارنة الأعراض التي سردتها صديقتي أثناء المكالمة بأعراض اضطرابات النوم فقمت بالبحث عنها أيضًا، وظهر لي بعض من التطابق بين حالتها والأعراض التي أمامي، من إيجاد صعوبة في الدخول إلى النوم، والنوم لفترات قصيرة متقطعة، والإحساس بالإرهاق الشديد خلال النهار، والذي يجعلها تشعر دائمًا بالحاجة الشديدة لأخذ قيلولة في أوقات وصفتها بأنها "غير مناسبة تمامًا"، وحين لا يتسنى لها ذلك تبدأ في الشعور بالتهيج والغضب الشديد لأتفه الأسباب، نتيجة بقائها في حالة مزاجية سيئة طوال اليوم، وانعدام تركيزها، كانت قد ذكرت لي أنها لم تستطع السيطرة على نفسها أثناء امتحانها الأخير، حتى غفت فوق ورقة الامتحان، ولم تفق إلا على صوت المراقب وهو ينبهها للثلث ساعة المتبقية من الوقت، وكم كان هذا الموقف محرجًا بالنسبة لها، لذا قررت محاولة تقديم المساعدة.


قمت بالبحث عن مسببات مثل هذه الاضطرابات ووجدت أسبابًا كثيرة لم تخطر لي من قبل، بخلاف ما اعتدته من عوامل القلق والتوتر القادرة على إشعال حريق غابات في رأس الإنسان، بخلق بيئةٍ متكاملةٍ من الكوابيس التي تسبب له الفزع، والتي قد تسبب له الخوف من الدخول في النوم وتكرار تجربة الكابوس مرة ثانية، وجدت أن كثرة التبول في الليل (Nocturia) سببًا هامًّا، كذلك الآلام المزمنة مثل الصداع المستمر الذي لا يترك رأسي في العادة.


بمتابعة القراءة عرفت أن لاضطرابات النوم عدة أنواع، وليس الأمر مقصورًا على "الأرق" كما يعتقد الأغلبية، حيث يعتبر النوم المفرط (Hypersomnia) أحد أنواع هذه الاضطرابات، حين يشعر المرء بحاجة شديدة للنوم حتى بعد حصوله على معدله الطبيعي، وربما لا يستطيع الإفاقة من نومه بسهولة، بشعور من يحتاج إلى 24 ساعة لينامها خلال اليوم، وقد يعاني بعض الأشخاص من مشاكل في عملية التنفس أثناء النوم قد تصل إلى حد التوقف، مما يقلل حصة الجسم من الأكسجين الكافي خلال فترة النوم (Obstructive Sleep Apnea)، والذي يدفع الشخص المصاب بمثل هذا النوع من الاضطراب إلى الاستيقاظ عدة مرات، (Narcolepsy) أو ما يعرف بهجمات النوم المفاجئة التي تصيب بعض الأشخاص، بحيث يشعر بتعبٍ شديد ومفاجئ يؤدي إلى دخوله في حالة نوم مفاجئة ودون سابق إنذار، وفي بعض الحالات يؤدي هذا إلى ما يعرف بـ "شلل النوم"(Sleep Paralysis) بحيث لا تستطيع جسديًّا التحرك بعد استيقاظك من النوم مباشرةً، استغرقت في القراءة حتى وصلت إلى (Parasomnias) أو ما يسمى "الخطل النومي"، وهو يُعرف بمجموعة الحركات اللاإرادية التي تصدر عن الشخص أثناء النوم بالتزامن مع فرط نومه أو نقصه، كالكلام أو الصراخ أثناء النوم، الكوابيس، السير أثناء النوم، التبول اللاإرادي، إصدار أصوات تشبه الأنين، أو طحن الأسنان بقوة.

كانت ليلةً طويلةً من البحث والتنقيب حتى أن جهاز الحاسوب قد فرغت بطاريته، أطبقت شاشته وذهبت إلى سريري فجلست عليه، وبقيت أفكر طويلًا، هل هي مصابةٌ بالأرق أم ماذا؟ يمكنني الشعور بحجم المعاناة من نبرة صوتها، ربما تحتاج إلى زيارة الطبيب، هو الوحيد القادر على التشخيص وإبداء الرأي في العلاج المناسب، سواءً بحاجتها إلى الأدوية، أو بإلزامها بنمطٍ يوميٍّ ملائم، وقد كان من ضمن نتائج البحث التي حصلت عليها قبل قليل عناوين وأرقام هواتف بعض المراكز العلاجية لاضطرابات النوم، وكنت قد دونت بعضًا منها حتى أقوم بإرسالها لصديقتي في الصباح، فالأمر حقًّا يستحق المحاولة.




 
 
 

Comments


©2018 by psychotopia. Proudly created with Wix.com

bottom of page