الكتاتونية
- psychotopia
- Oct 20, 2018
- 3 min read
Updated: Oct 21, 2018
بقلم : مريم العبادي
هل سمعت قبل ذلك عن متلازمة ُتعرف بالكتاتونيه؟ ثم ماذا سيكون رأيك إذا رأيت أحدهم يقوم بحركات لا إرادية أو فى حالة هياج شديدة، هل ستتعاطف معه؟ هل ستشعر بمعاناته أم ستتهمه أنه مجنون أو لا نفع منه؟ دعنى أحدثك عن متلازمة الكتاتونية :
إنها عبارة عن متلازمة يفقد الإنسان خلالها الإحساس بالأمان، يكون ذلك نتيجة التعرض لصدمة نفسية شديدة لا يستطيع المرء أن يتخطاها، فيصعب عليه استعادة أخر مراحله العمرية التى شعر فيها بالأمان.
الأعراض الكتاتونية عبارة عن أعراض نابعة عن اضطراب فى القدرة الحركية للفرد ينتج عنها حركات لا إرادية. وعلى عكس ما يعتقده الناس، هذه الأعراض قد تكون بسبب أمراض عضوية كأورام الفص الجبهى فى المخ، جلطات المخ، التهاب الدماغ، وأيضاً تعاطى المخدرات وليست مقتصرة على الأمراض النفسية فقط. تاريخ وجود مرض الفصام فى العائلة، أو إصابته بأمراض فيروسية والتعرض لضغوطات شديدة يزيد من إحتمالية إصابة المريض بالكتاتونيا.
بعض هذه الأعراض هى:
1. الهياج الكتاتونى: حيث يكون المريض فى حالة هياج شديدة ويقوم بتدمير والهجوم على كل ما يقابله.
2. الذهول والغيبوبة الكاتونية: يمكن أن تتراوح ما بين توقف بعض الحركات إلى غيبوبة تامة، ويجب أن نفرق بينها وبين الغيبوبة بسبب الأمراض العضوية.
3. السلبية(Negativism) : وهى السلبية المطلقة حيث يرفض المريض الطعام والشراب وكل ما يُطلب منه، بل وقد يصل إلى القيام بعكس ما يؤمر به!
4. وضع المريض(Posturing) : يظل المريض على نفس وضعه لساعات وساعات، بل وقد يثبت على وضع غير مريح إذا حركه الطبيب لهذا الوضع مثلاً.
5. طاعة أوتوماتيكية (Automatic obedience): حيث ينفذ كل ما يؤمر به بدون أدنى مقاومة أو إعتراض، وفى بعض الأحيان يستطيع الطبيب تحريك المريض فى أوضاع غريبة وغير مريحة للمريض بكامل إستسلام منه فى ظاهرة تُسمى waxy flexibility أو المروتة الشمعية.
6. الرتابة (Stereotypy): وهى المداومة على حركات متكررة بدون توقف سواءً كانت فى الفم، أو الأيدى والرجلين، أو الكتف، أو الإهتزاز المستمر فى أحد الأطراف. هذا بالطبع يؤدى إلى إزعاج الناس المحيطة بلمريض وإلى شعور المريض بالحرج.
7. اضطراب الكلام: وقد يكون فى صور كثيرة، إما فقد تام للكلام وكأن المريض قد أُصيب بالبُكم، أو اختلاط الكلام، أو neologism وهي اتخاذ لغة جديدة لا يفهمها أحد غير المريض.
8. وأخيرا اضطرابات جسمية: مثل زيادة التعرق وإفراز اللعاب، أو زرقة في الأطراف، انخفاض ضغط الدم، تسارع نبضات القلب أو صعوبة في التنفس، وذللك قد يجعل الطبيب يعتقد أن المريض يعاني من مرض عضوي.
هل تتخيل الآن ما يمر به المصاب بالcatatonia؟ وبعد كل ذلك لا يجد تَفَهُم المجتمع له، بل ويُطلق عليه لقب "المجنون"!
بصفتي طالبة في السنة الأخيرة بكلية الطب، أشعر بالمسئولية الدائمة تجاه تصحيح المفاهيم الطبية الخاطئة لدى الناس، وأن إحساسي "بالشفقة" علي المريض بسبب الأحكام اللانهائية التي تنهال عليه وحده لن ينفعه بالمرة، ولن يُزيح عنه جبال الحرج وكره الذات الملقاه علي ظهره. ولكن هل يا تُرى يوجد أى علاج يخفف من معاناة المريض و يُتيح له حياة طبيعية بعض الشئ؟
للأسف مريض الفصام يجب أن يخضع للعلاج مدى الحياة، حتى ولو لم تستمر أعراض الكتاتونيا.
يتكون العلاج من شقين؛ العلاج الدوائى والعلاج الكهربائى. الأدوية تتكون من benzodiazepines وهى من المهدئات وتعمل على الجهاز العصبي ف"تُخدره"، وهناك أيضاً مضادات الإكتئاب وأدوية تعمل على ترخية العضلات. أما النوع الآخر، وهو العلاج بالكهرباء، يُستخدم عند فشل العلاج الدوائى، وهو عبارة عن إشارات كهربائية تُرسل للمخ وكأن المخ يكون فى وضعية ال"restart” ! ومع ذلك قد يحتاج المريض المكوث فى المستشفى إذا مر بنوبة شديدة.
مما لا شك فيه أن كل العلاجات السابقة قد تمثل "صفراً على الشمال" كما يُقال إذا لم يكن هناك دعم نفسى وتَفَهُم لحالة المريض وإحتياجاته. لذلك، يجب علينا جميعاً أن ننشر الوعى عن طريق التعامل المثلي مع مثل هذه الأمراض النفسية ، وألا نُشعر المريض بأنه منبوذ.
قد يكون من الصعب عليك أن يكون شخصاً عزيزاً أو قريباً منك يعانى من الكتاتونيا وتريد أنت بكل الطرق أن تقذف له طوق النجاة لتقتلعه من بحر معاناته، ولكن كيف؟ أولاً يجب التعامل معه بهدوء وسعة صدروألا يكون هناك أى توتر أو مشاحنات فى البيئة المحيطة به لكى لا يفقد الشعور بالأمان. يجب أيضاً أن يُعامل كشخص طبيعى وأن يشعر دائماً أن وجوده فارق حد السماء. حينها فقط، ستشعر حتماً بإنجاز- صغيراً أو كبيراً كان- إن ساعدت على جعل حياة المريض أقل عُتمة، فليس من الصعب أبداً أن يكون التغيير بدايته أنت.
Commentaires