اضطراب فرط الحركة مع قصور الانتباه ‏ ADHD

بقلم : إيمان حبور

اضطراب فرط الحركة مع قصور الانتباه هو اضطراب شائع يؤثر على التركيز والتحكم بالنفس وغيرهم من المهارات الهامة في الحياة اليومية، ويحدث نتيجة وجود اختلافات في تشريح المخ وعادةً ما ينحدر في العائلات، وهو واحد من أشهر الحالات التي تصيب الأطفال ويؤدي إلى مشاكل سلوكية تؤثر سلبًا على مقدرة الطفل على الأداء بشكل سليم على الصعيد الأكاديمي والاجتماعي.

أعراضه :

إن قصور الانتباه وفرط الحركة هما العرضان الجوهريان للاضطراب، إلا أن هناك عددًا من الأعراض الأخرى تدخل ضمن المعايير التشخيصية وتعد نموذجية بالنسبة للمصابين بفرط الحركة مع قصور الانتباه وهي:

· أعراض متعلقة بقصور الانتباه: مشاكل في التركيز في المدرسة، عدم الاستماع، الفشل في إكمال المهام المكلف بها الطفل، تجنب الأنشطة التي تتطلب تركيزًا مستمرًا، فقدان الأشياء والتشتت بسهولة.

· أعراض متعلقة بفرط الحركة: القلق، التململ، المقاطعة، التحدث كثيرًا، التطفل، محاولة فعل أشياء متعددة في الوقت ذاته.

كما يمكن أن يصاب الأطفال المصابون بفرط الحركة مع قصور الانتباه بأعراض مثل: الأرق، قلة تحمل الإحباط، انعدام الثقة بالنفس، النسيان المتكرر، التشوش، التقلبات المزاجية، الاندفاع، التأجيل، صعوبة أن ينتظر الطفل دوره في شيء ما.

أسبابه والعوامل المؤدية لحدوثه:

إن السبب الرئيسي لحدوث الاضطراب ليس مفهومًا بالكامل إلا أنه يُعتقَد أن هناك مجموعة من العوامل المسؤولة عن حدوثه.

١- الچينات:

يعتقد أن "الچينات" التي يرثها الطفل من والديه هي عامل بارز في تطوّر الحالة، فقد أظهرت البحوث أن الآباء والإخوة للطفل المصاب باضطراب فرط الحركة مع قصور الانتباه هم أكثر عرضة للإصابة بالاضطراب.

٢- تركيب ووظائف المخ:

أظهرت البحوث عددًا من الاختلافات الممكنة بين مخ الشخص المصاب بالاضطراب ومخ الشخص السليم، فعلى سبيل المثال أشارت الدراسات التي تضمنت مسحًا للمخ أن بعض مناطق المخ قد تكون أصغر في الأشخاص المصابين بالاضطراب بينما توجد مناطق أخرى أكبر، كما قد يكون هناك خلل في مستوى الناقلات العصبية.

٣- مشاكل الحمل:

إن الأطفال المولودين بوزن ولادة منخفض، أو مولودين قبل أوانهم، أو كان حملهم صعبًا على أمهاتهم هم أكثر عرضةً للإصابة بالاضطراب، كما أظهرت الدراسات أن النساء الحوامل اللائي يدخنَّ أو يحتسين الكحوليات معرضات أكثر لإنجاب طفل مصاب بالاضطراب، بجانب أن التعرض للرصاص وثنائي الفينيل متعدد الكلور والمبيدات الحشرية يلعب دورًا أيضًا.

٤- إصابات المخ:

إن الأطفال الذين عانوا من إصابة في المخ قد يظهرون بعض السلوكيات المشابهة لسلوكيات اضطراب فرط الحركة مع قصور الانتباه، إلا أن هناك نسبة صغيرة فقط من المصابين بالاضطراب قد عانوا من إصابة دماغية عرضية.

كيف يؤثر على الحياة اليومية للطفل؟

لا يؤثر الاضطراب على الحياة الأكاديمية للطفل فقط بل يؤثر أيضًا على مهاراته الاجتماعية، إليك أشهر خمس تحديات اجتماعية يواجهها الطفل:

١- يواجه الطفل مشاكل في اتخاذ الأصدقاء:

عادةً لا يلاحظ الأطفال المصابون بالاضطراب تأثير سلوكهم على الآخرين، فقد يقاطعون الآخرين ويواجهون صعوبة في ترشيح كلامهم قبل النطق به مما قد يغضب الآخرين.

٢- يفقد الطفل أصدقاءه سريعًا:

يمكن أن يكون الطفل المصاب بالاضطراب انفعاليًّا ومتطلبًّا للغاية دون أن يدرك ذلك، كما أنه يواجه صعوبة في القيام بدوره وانتظار الأشياء مما قد يسبب انطفاء صداقاته بالآخرين.

٣- يواجه الطفل صعوبة في إجراء المحادثات:

يمكن أن يفقد الأطفال المصابون بالاضطراب خيط المحادثة بسهولة، وقد يسيئون فهم ما يقوله الآخرون، ويُشتَّتون بأفكار غير متعلقة بموضوع المحادثة.

٤- يبالغ الطفل في ردة فعله تجاه المواقف:

يكافح الطفل من أجل السيطرة على نفسه حيث يمكن أن ينفعل جسديًّا عندما يكون منزعجًا، أو يواجه انهيارًا في سن لم يعد هذا التصرف فيه مقبولًا.

٥- لا يكون الطفل جديرًا بالثقة دومًا:

يواجه الطفل مشاكل في التخطيط واتباع الأوامر، وهو ما يجعل الأطفال الآخرين يعتقدون أنه لا يمكن الاعتماد عليه أثناء تنفيذ المشاريع الجماعية.

كيفية تربية طفل مصاب بـ ADHD :

١- كوني صادقة مع طفلك حيال حالته:

إن اضطراب فرط الحركة مع قصور الانتباه ليس ذنب الطفل بل هو اضطراب دماغي يجعله يواجه صعوبة في التركيز وإنجاز المهام والتخطيط للمستقبل، لذا من المهم أن تكوني صادقة وصريحة معه حتى يفهم الطفل أنه مجرد جزء من كينونته وأنه شيء يمكن السيطرة عليه.

٢- لا تحوِّلي المشاكل المتعلقة بالاضطراب إلى مشاكل في شخصية الطفل:

عادةً ما يكون الأطفال المصابون بالاضطراب أذكياء للغاية فهم يعرفون ما يجب أن يفعلوه إلا أنهم ببساطة لا يعرفون كيف يبدؤون في فعله، كما أنهم يواجهون صعوبة في الالتزام بفعله، وقد يسيء الناس فهم هذا الأمر.

٣- لا تجعلي الطفل يتخذ الاضطراب عذرًا مقبولًا لكل شيء:

لا ريب في أن الاضطراب يجعل الكثير من المهام أصعب، ولكن يجب أن يتعلم الطفل تحمل المسؤولية، فبدلًا من أن يقول: "لست بحاجة لعمل واجبي لأنني مصاب باضطراب" يجب أن يقول: "قد يكون عمل الواجب أصعب بالنسبة لي لأنني مصاب باضطراب".

٤- قومي بفرض القواعد والعواقب بهدوء:

بالنسبة لطفل مصاب باضطراب فرط الحركة مع قصور الانتباه فقد يساعده وجود توقعات شفهية ومكتوبة، ككتابة قائمة بمسؤوليات الطفل وقواعد المنزل، ويجب أن يكون الآباء واضحين مع الطفل حيال العواقب، وأن يفرضوها بطريقة سليمة، وإذا أحسن الطفل التصرف احرصي على أن تكون المكافأة فورية، أما إذا أساء التصرف تجنبي معاقبته وأنتِ في ثورة إحباطك أو غضبك.

٥- ساعدي طفلك في اكتشاف مواطن قوته:

يصاب الأطفال المصابون بالاضطراب بالاكتئاب وانعدام الثقة بالنفس عند عمر الثامنة نتيجةً لمقارنتهم الجائرة بالآخرين، لذا من المهم مساعدة طفلك في اكتشاف مواطن قوته والأشياء التي يجيدها، وتحسين صورته الذاتية حتى لا ينمو بداخله عجز بدخوله مرحلة المراهقة.

٦- لا تفرطي في رعاية الطفل:

يجب أن يتعلم الطفل الاستقلال بتقدمه في السن، عن طريق تركه ليحل مشاكله الخاصة بنفسه، فلا تندفعي بتقديم حلول له ليختار من بينه، فهذا لن يعلمه أبدًا أن يعتمد على ذاته ويحل مشاكله بنفسه.

العلاج:

إن علاج الاضطراب عادةً ما يتطلب تدخلًا طبيًّا وتعليميًّا وسلوكيًّا ونفسيًّا، ويعرف هذا النهج الشامل في العلاج بالعلاج متعدد الطرقMultimodal ، ووفقًا لعمر الطفل قد يتضمن: تدريبًا أبويًّا، أدوية، تدريبًا مهاريًّا، استشارة، علاجًا سلوكيًّا، دعمًا تعليميًّا، تعليم الطفل عن الاضطراب.

ومن خلال العمل عن كثب مع المتخصصين يجب أن يتم توفير العلاج وفقًا للاحتياجات الفريدة لكل طفل؛ لمساعدته في السيطرة على الأعراض، والتأقلم مع الاضطراب، وتحسين صحته النفسية العامة، وإدارة علاقاته الاجتماعية.

أما بالنسبة للعلاج من خلال الأدوية فتعد المحفزات (مثل ميثيل فينيدات Methyphenidate وديكسترو أمفيتامينيث Dextroamphetamine) الخط العلاجي الدوائي الأول، وهي على الأرجح العلاج الأكثر فعالية.