الاغتراب
- psychotopia
- Nov 22, 2018
- 2 min read
Updated: Dec 7, 2018
بقلم : نرمين أسعد
تحرير : رنا عشبة
لن تشعر بي، قد تشفق عليَّ وتتعاطف مع قصتي
لم تمر بما مررتُ به
قد تكون قد فارقت شخصًا أو أكثر...
لكنني فارقت منزلي وقطتي الصغيرة، خزانتي الي اعتدتُ توضيب فساتيني الجميلة بها، وشجرة الزيتون التي في منزلنا، كنت أرمي بحبلٍ على جذعها لصنع أرجوحة ألعب بها وألهو
خسرت مدرستي التي كنت فيها من الأوائل، وكان جميع المدرسين بها يعرفونني ويميزونني بالتفوق.
أضعتُ أصدقائي ؛ لا أعلم عنهم شيئًا، هل مازالوا على قيد الحياة أم لا؟ مَن بهم قد تزوج أو أكمل دراسته أو كيف حالهم؟
حتى أمي فلذة قلبي، ودعتها بنارٍأجاج في صدري.
إخوتي الصغار .. وددتُ لو أنني أكبر بينهم، وأعطيهم من نصائحي، وأقف بجانبهم حين يكونون بحاجتي أو بحاجة سند.
أقربائي وأولاد عمي جميعهم فارقتهم.
ثم تركتُ أغلى شيءٍ قد يعيش الإنسان من أجله، ألا وهو الوطن؛
لأنه يحمل بداخله كل ذلك الحب وذلك الأمان، وجميع أولئك الأشخاص الذين أحبهم.
ودعتُ كل شيءٍ بصمتٍ رهيب، لم أنطق .. لم يكن لي الحرية أن أنطق، او أن أعبر عن حزني حتى، كي لا أكسر أبي الذي أقسم أنه لم يبق من قلبه سوى الفتات.
لم يحق لي أن أسكب الدموع على صدر أمي، ولم يكن لي الحرية أن أعارض ما يجري.
أنا فقط ذهبت وتركت خلفي كل شيء، كل شيء قد يحيا الأنسان من أجله، كل شيء حتمًا.
أقفلتُ على قلبي باب الحياة، شعرتُ أنني مثل غصن شجرة صغير اقتص من شجرته، وأُلقِي به بعيدًا عنها.
ظننتُ أنها النهاية، وأنه لا مفر لي من الاكتئاب، أو الموت السوداوي الذي قضى على الكثير.
سافرتُ إلى تلك البلاد التي لطالما حلمتُ بالسفر إليها في صغري
ولكنني عندما رأيتها كانت باردة .. باردةً جدًّا .. ورماديةً لا تضحك ولا تستجيب.
يا ليتني لم أحلم بذلك في صغري ولم أتمنى الابتعاد يومًا
فسرعان ما تحقق حلمي، وأجبرتُ كرهًا أن أكونه.
عندما كنتُ في وطني .. سمعتُ صوت انفجار الدماء بأُذُنيَّ، وشعرتُ بالموت قريبًا جدًّا، وعرفتُ قيمة الحياة عندما غادرت.
أيقنتُ أنها أغلى ما نملك في وقتنا الحاضر، لذلك تخلَّينا عن جميع ما نملك في سبيلها، فكيف أضحي بكل هذا مقابل لا شيء؟!
اعتقدتُ أنني يجب أن أنجو، فأنا لن أخسر بالمقابل كل شيء، كان هذا هو دافعي الأكبر، لقد خسرتُ بما فيه الكفاية، لن أخسر أكثر.!
فقررتُ أن أفتح باب قلبي، وجدتُ الكثير من الناس حولي
وأني ها هنا مازالتُ حيًّـا
وتذكرتُ أنه وطنٌ يحبه الناس كما أحببتُ وطني.
وجمعتُ شتاتي وتماسكتُ، وقلتُ في نفسي: لم لا أكون كغصن الشجرة الذي قُطِع، يستطيع الالتصاق بشجرة أخرى، وإكمال الحياة معها؟ لماذا أعيش في الماضي وبيدي الحاضر؟ خرجتُ إلى الدنيا وفتحتُ أبوابًا أغلقتُها بيدي، حاولتُ هنا وهناك، وكلما أصابني اليأس تذكرتُ ما في قلبي، وقلتُ مرددًّا أن كل هذه ترهاتٌ مقارنةً بما مررتُ به، ونهضتُ لفعل جميع الأشياء التي خططت لفعلها، لم يمنعني أحد، نجحتُ أكثر مما توقعت، وحققتُ أحلامًا لم أسمح لعقلي قبل ذلك أن ينسجها، عندما كنتُ في موطني كان عقلي ضيقًا جدًّا، وربما لولا ضيق الغربة ما انفتح لنا مُتسعٌ من الفكر.
ولنكن واقعيين قليلًا في وسط تلك المشاعر الجياشة، ينتابني الحنين أحيانًا وربما كثيرًا، ولكن عندما كنتُ في موطني كان ينتابني شعور محبة السفر والذهاب بعيدًاعن تلك البلاد، وعندها أدركتُ
أننا عندما نترك مكانًا لنقيم في آخر، لا تكثر مشاكلنا أو تقل، وإنما تتبدل بأخرى
وفي نهاية المطاف .. نحن في الدنيا لسنا في الجنة، سنظل نعاني وننتصر ونعاني، ولن يتبقى منا إلا الأثر، فاصنع أثرًا في كل مكان..
Comentarios